الاثنين، 6 سبتمبر 2010

الأمنيات المؤمنة

لا تسألن عن الحياةْ

واسأل عن الشــجن المســـافر بيننا

لا الشمس تشرق فى ربيعك بالضياء

ولا احتمالات الربيع تصير أبداً ممكنة

فتش عن الظل الجريح

عن السفر

عن كـــل احتمالات الضجر

وعن الرفيق

لا أنت تغتال الصديق بداخلى

أبداً ولا كنتُ الصديق

فدع الســــؤال لمن يسل

ودع الوطن

ودع الطـــــــــريق لكــــل من ضل الطريق

وابحث عن المعنى المسافر فى ضجيج القاهرة

وعن اغتيال الذاكرة

وابحث عن العمق المصاحب ألف ضيق بعد ضيق

واقتله

واقتل بداخله الصديق

ما عدت اقدر يا صديقى أن أحيكَ الامنيات المؤمنة

فدع السؤال عن الحياة

واسأل عن احتمالات البقـــاء الممكنة .. المزمنة

وعن الرحيل

---

احمد مهنى

الجمعة، 3 سبتمبر 2010

أثر فى نفسى 2

فى بريدى الالكترونى فولدرات بأسماء خاصة
فولدر باسم العمل وفولدر باسم كتبى وفولدر باسم اراء وأخر احتفظ فيه برسائل خاصه من اشخاص جمعتنى بهم ذكريات
لا اعرف لماذا دفعنى الشغف سهواً لفتح ذلك الفولدر القديم .. المهمل .. والمنفعل بالوحدة والسكون .. بداخله وجدت رسائل مهترئة ربما بفعل الزمن أو النسيان أو التناسى ، وربما اهترأت عمداً بإرادتنا .

فى الايام القليلة الماضية تعلمت أشياء عدة ، أو ربما وهمت نفسى أنى تعلمتها ، عمداً واصراراً على أنى افعل ما أراه مناسباً لى وحدى .. لكن الحقيقة الكلية أنى احاول اقصاء نفسى عن الشعور بالفشل ربما ، أو ربما الكسل ، أو فقد الدافعية

فى الشهور القليلة الماضية تعلمت شرب القهوة صباحا ، أذهب الى العمل ، عادة ما اجد التكييف مغلق ، أديره واطلب كوب النسكافيه المعتاد ، متناسيا أنى لا احب مذاق القهوة بكل أنواعها ، لكن الجميع هنا يفعلون ذلك صباحاً ، لا اعرف فائدة القهوة حقاً لكنى أصبحت أشعر بالانتعاش - واهما - ولا أشك فى انى اذا ذهبت لعمل جديد سوف أظل على تلك العادة الجديدة الغير مبررة

الاشخاص الذين يضايقوننى كنت أتجاهلهم ، لكنى الان أصبحت أطلب منهم عدم مضايقتى ، ليس لأنى اريدهم فقط أن يتوقفوا ولكن أيضاً لأثبت أنى لازلت قادرا على الاعتراض

فى رسائلها المهترئة أخبرتنى انها كتبت فى وصيتها أن اصلى عليها عندما تموت وأشك تمام الشك أن الوصية قائمة
فى رسائلها المهترئة كانت مؤمنة قنوعه صابرة وراضية مهذبة وتعرف حدودها ولازالت

الاشخاص الذين يتربصون بى ، يترصدوننى ، لم يعد يقلقنى تربصهم ، لأنى ببساطة غير مهموم بهم

عندما أوقفنى الخوف من المستقبل عن أخذ القرار بجدية ، شعرت بالعجز والجبن ، لكنى قررت أن استمر ، ليس لأثبت لنفسى أننى قادر على فعل أى شئ ولكن لأختبر ثقتى بالله

الاصدقاء الذين صنعوا معى حياتى لم يعد لأى منهم وجود ، لم أعد اراهم مطلقاً ، لم يعد بيننا نفس الاهتمامت المشتركة ، وربما الرؤى أيضاً تبدلت ، ليس لأن الحياة شغلتنا ، ولكن ربما لأننا كنا أضعف من المواجهة ، أو ربما لأن الحياة فعلاً شغلتنا

فى رسائلها المهترئة سألتنى ماذا قد يحدث بعد وأجبتها عن كل الاحتمالات الممكنه ، وكلها حدثت ولم ترسل لى بعدها أبداً

كلنا نتأثر بلحظات الفراق أكثر من الرحيل ذاته ، ولا اعرف السبب

الاشخاص الذين تربطنى بهم صلات جيدة ، لن اتحرج مستقبلا من أن اخبرهم أنهم على خطأ جسيم ، فقد ضاقت محاولاتى بأن ابدو أكثر ذوقاً
الاشخاص الذين لا يشكلون شئ فى حياتى ، الذين هم مجموعهم يساوى صفر ربما انى لن احتفظ بهم مجدداً كأصدقاء

أحيانا أشعر انى تتملكنى الرغبة فى التخلص من بعض الصداقات ، ليس لكونهم سيئون ولكن لأنى أردت ذلك ، أو ربما راحتى فى ذلك

التحول من الهدوء الى الانفعال ، التحول من الهدوء القاتل ورحابة الصدر الى الجليطة الاختيارية ، أحيانا كثيرة تكون تلك التحولات مفيدة مع بعض الاشخاص

التفاؤل لا أجده يصلح مع الجميع إذ أن هناك نفوس لا تستحق غير السوداوية المفرطة ، وبرغم ذلك لا أحب التشاؤم امامهم

المحاولات المتكرره للاصلاح ، لدفع شخص سلبى أن يكون ايجابيا ولو لمره واحده ، لمواجهة عادة سيئة او سلوك جاهل ، تلك المحاولات وغيرها جميعها تزيد هماً اضافيا بغض النظر عن نجاحها من فشلها ، لذلك قررت أن اتنحى عن بعض المحاولات أحياناً

الاشخاص ، الزملاء ، الاصدقاء ، الذين يلحون فى التقابل بشكل متكرر لن أخجل أبدا مطلقاً فى أن أقول لهم بوضوح وحسم ، لأ مش هقابلكم تانى

محاولات ارضاء الاخرين الساذجه عادة لا ترضيهم ولا تزيدنى الا وجع بال ، لذلك قررت أن لا احاول ارضاء المزيد ، كل ما سأحاول فعله أن اكون مهذبا فحسب

فى الرسائل المهترئة بيننا ، أكتشفت أننا كنا محترمين بحق واستمتعت بهذا الاعتراف لنفسى ، ورضيت عنه

الزملاء ، الاصدقاء ، والمعارف الذين أقرضتهم أموال أو كتب أو أشياء منذ اسابيع أو شهور أو سنين .. لن استحى مستقبلا أن اطلب منهم رد كل شئ ، لن أخجل أكثر من ذلك

منذ الان لن أحاول أن افقد استمتاعى الشخصى من أجل الاخرين ، غير انى لن ابخل بالمتعه على الاشخاص الذين احبهم

أعرف أن كل ما سبق قد لا اقوم به ، لكنى أحب التصريح به على الاقل

احمد مهنى


---
اثر فى نفسى 1

الجمعة، 9 أبريل 2010

وهم العودة والانتمـــاء

كان لديه قدرة هائلة على الاصرار ... لم يبخل علينا يوما بأى معلومة او نصح... طلب منى دائماً ان أحاول ان اكون ناجحاً جدا فى دراستى وان ابحث عن الناجحين فاكون صديقهم ... كان له هدف عبقرى ، يبحث عن المتميزين فى كل مجال ويكوّن بينهم صداقات ... لم تكن له خلفية فكرية واضحة كان منفتحا على كل الافكار

لم أكن اتخيل ابدا طوال سنوات الدراسة بالجامعة أن مصر قد يصيبها ضرر وفيها شباب مثله ... لم ييأس ابدأ من الاصلاح والتغيير ونبذ التطرف

منذ ايام قليلة كنت أعيش فى أزمة مرهقة جداً ... ولما هاتفنى على رقم احد اصدقائى عرض عليه فرصة للسفر حيث هو الان

كان يقول إن مصر تحتاج لكل شخص كفء حريص عليها ... وكانت خطته فى التغيير أن يكون تغييراً حقيقياً وليس سياسياً ... كل شخص يبحث عن شخص ناجح وذو كفاءة .. وبدوره يطلب من الشخص الجديد البحث عن شخص اخر ناجح وكفء وبالتالى تتكون شبكة من الكفاءات والناجحين يسعون جميعهم الى تنمية المجتمع تنمية حقيقية فى المجالات الملموسة .

منذ عدة شهور أرسل لأخر ما تبقى من اصدقاء الجامعة عقد عمل للخارج حيث هو وتركنى وحيداً فى مصر

أحلام العودة دائما تبدأ قبل السفر ... الامانى بالعودة عند صلاح الاحوال ، عند تكوين الذات ، عند الاستقرار المادى ، وغالباً ما يبدأ الحلم وننسى ان اولى خطوات تحقيقه هى الاستيقاظ منه ... نضيق على انفسنا لندخر فلا نعيش هناك حياة كريمة لكى ندخر ... تمر الاعوام فى الانتظار والتمنى ويمر معها العمر وتظل الاحلام مؤجلة ... نستيقظ على دخول ابنائنا الجامعة فنعود الى مصر سريعاً لأنهم لا يحظون بفرصة التعليم الجامعى هناك الا بمبالغ مرهقة ... يشعر الابناء بالغربة فى مصر ... يكون الزمن قد تقدم بنا ... يتمتع الابناء بالمال المدخر فى مصر ... نموت دون ان ننعم بمدخراتنا .. يرث الابناء المدخرات ومزيد من الشعور بالغربة والوحدة

كان يقول لى أن الوطن معنى لا يمكن التعبير عنه .. كان سعيدا بشقته البسيطة فى بيت والده وبعمله فى شركة ملابس ناشئة بمرتب بسيط يرى انها مشروع لصناعة ماركة قد تكون عالمية يوما ما

كانت الاحلام تنير ضحكته وتثير املنا واصرارنا على تحقيق الاحلام الحقيقية ودافعا للاستمرار فى طريق البحث عن المتميزين

منذ يومين ... فى عز الازمة ... كان يتحدث مع صديق جديد لى ... صديقى الجديد متميز وكفء عثرت عليه بعد طول عناء .. لا يرغب فى السفر ويبحث معى عن المتميزين .. لكنه داعب بداخله فكرة السفر

الذين يسافرون يتغيرون ... تتغير نظرتهم للحياة ... تتغير فكرتهم عن الرفاهية ... عن رائحة الهواء ... عن معنى الراحة .. وربما عن الانتماء

صديقى القديم أعتبره اليوم أحد عناصر الهدم ... مازلت احب حلمه بالبحث عن الكفاءات .. لكنه أصبح منتميا لفكرة شعثاء ... أصبح السفر مسيطرا على فكره فلم يعد يجد ما ينتمى اليه حتى فى اوقات الازمات ... ربما انه لا زال مخلص لفكرته فى البحث عن المتميزين ... لكنه اليوم يهربهم للخارج بدلا من الحرص على بقائهم بالداخل

أتسائل اليوم

ما الفرق بين الذين ينهبون أموال البلد ويحولونها للخارج ؟؟ وبين الذين يسرقون المصريين أنفسهم بالسفر ؟؟؟

والسؤال الاخير ... هل يمكن أن تتحول شركة الملابس الناشئة الى ماركة عالمية بعد سفره ؟؟؟